التراث
النمط الحضاري المتوارث
النمط الحضاري المتوارث
بقلم/محمد ابو حبشي.
كاتب وباحث في الاثار المصرية القديمة ومؤسس فريق حراس الحضارة للوعي الاثري بالشرقية ورئيس قسم التراث الحضاري بجريدة جورناليدة نيوز.
وامين لجنة دعم السياحة والاثار بلاتحاد الوطني للقيادات الشبابية عن محافظة الشرقية .
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام علي اشرف الخلق وإمام المرسلين وبعد..
لو نظرنا إلي الحضارات كلها لوجدنا ان التطور فيها بسيط وأنها ارتداد لأصل اجدادها ولو نظرنا لفلسفة قيام الحضارة لوجدنا اننا الان نعيش بطريقة او بأخري بنفس النمط او اللون او اللهجة او الكيفية التي سبقها بها الاجداد ويمكن ان نجمع بين شيئين او اكثر من تلك الاشياء وان كل مانعيشه اليوم ليس مستحدثا او نستطيع ان نقول ان ماضي اجدادنا لم يترك لنا شيئ لم يشير اليه وبمعني اخر هل ظننت حقا انك انتصرت علي الماضي وان الحضارة التي نعيشها اليوم ماهي الي نتاج عقولنا المتمدنة والحديثة ؟
إن كنت تعتقد هذا فانت حقا مخطئ جدا لم يترك الماضي شيئ لم يبدء فيه ولم تترك لنا الحضارات الاقدم من اجدادنا اي شيئ علي سبيل الإبتكار غير قوي الشر المتمثلة في السب والنفاق وكل ماهو قبيح او سيئ
فلننظر سويا إلي بعض الجوانب التي ستبين مقصدي .
اذا سافرنا الان إلي رفح مثلا لوجدنا ابناء مصر البواسل يقفون علي ارضها حامين وفقهم الله وحماهم .
ولو رجعنا إلي الوراء الاف السنين لوجدنا ابناء مصر ايضا واقفين علي حدودها حامين لعرضها ولوجدنا ان شعب مصر كان طيبا جدا في البداية مسالما جدا لم يسعي ولو مرة واحدة للحرب من اجل اكتساب مقومات الحياة كما الهمج بل ان الله امتاز ارض مصر بالخيرات منذ اللحظة الاولى لمنشأ حضارتها ومن قبل ذلك ايضا لذلك اهتم المصري القديم بالزراعة واستأناس الحيوان حتي ظهرت المطامع لارض مصر الحبيبة فوجدنا هذا الفلاح الطيب المسالم يتحول إلي اشرس مقاتل للحفاظ علي ارضه وعرضه .
فنجد ان جيشنا المصري الحبيب يداهم ويقطع دابر كل عنصر خبيث يريد ان يتعدي حدود مصر مرتديا زيا عسكريا موحدا كما كان يفعل الاجداد .
ولو نظرنا كما قلت إلي الوراء قليلاً لوجدت المصري القديم يقف مدافعا عن الوادي وما وراءه بكل بسالة ايضا ولكن الاختلاف في نوع السلاح وحداثته مما يتماشي مع امكانيات عدونا الحالية .
وبذكر الاعداء اعداء مصر بنفس نمط التفكير إلي الان لم يتغيروا كلهم طامعين وراكضين وراء خيرات مصر واستنزاف مقوماتها.
فنجد ان الملك تحتمس الثالث سحق الميتانيون.
وان الحوثيون سحقهم رمسيس الثاني وجنود مصر العظماء وشعوب البحر قتلهم في البر والقي بالجثث في البحر .
وسقنن رع واولاده قادو حربا طويلة ضد اعداء مصر (الهكسوس).
ومن جانب اخر لو نظرنا إلي الملابس التي نرتديها لولا أن نسج المصري القديم خيوط الكتان وشكل منها الملابس لما شهدنا تطور الملابس الان وانا ادرك تمام انه استحدث امر الثياب بشكل كبير ولكني ارتد لأصولي الان لأخبركم فقط ان المصري اول من لبس الثياب .
وكم هو مؤسف اننا الان اننا نجري وراء مستحدثات الغرب في الملبس والمظهر ونحن الذين زرع اجدادنا الكتان وغزلوه وصنعو له ورش خاصة لتصنيع الثياب منه قبل ان تتشكل الارض التي ستحمل بعد الآف السنين هؤلاء الغرب الذين سوف نقلدهم .
ومن الاشياء التي اشتركنا فيها ايضا مع الاجداد هي ان لدينا تقديساً كبيرا للجانب الديني ولا نقبل اي تهاون او تحريفا فيه وهكذا كان الاجداد ايضا يقدسون جانب الديانة ولو اردنا ذكر امثلة لن ننتهي ابدا وايضا لايسعنا المقال للخوض اكثر في امر الدين عند المصري القديم ولكن المصري القديم كانت له شعائر دينية وحياة دينية لايقبل المساس بها ويدافع عنها دفاعا شرسا للغاية .
وانظر إلي المصرييون الان لازال في قاموس مصطلحاتهم بعض المرادفات التي كانت لدي الاجداد .
فنجد احدهم يقطع شيئا بالسكين الذي هو ايضا اختراع الاجداد ويصاب في يديه بجرح مثلا فيعبر عن تألمه وتوجعه ب(آه او آخ) وهذة ايضا من كلام الاجداد وتعبيراتهم وهذا فقط علي سبيل المثال لا الحصر.
ونجد الفلاحين في الصعيد والدلتا يستيقظون صباحا للذهاب للحقل لممارسه كل الطقوس التي كان يفعلها اجداهم بنفس النمط وبنفس التسلسل باختلاف بسيط وهي مواسم الزراعة لإنحسار فيضان النيل .
ولنحيي جيشنا الابيض اطباء مصر العظماء كان لإطباء كِمت عظيم الاثر في اكتشاف وعلاج الامراض المختلفة والمتنوعة حتي الاورام كما ذكرت البرديات والمصادر فإن الاطباء في مصر القديمة كانو خط الدفاع الكبير ضد الامراض التي تهدد حضارة الاجداد وكان دورهم لايقل عن دور المقاتل وكذلك مكانتهم كما هو الحال الان .
وغير ذلك الكثير والكثير الذي يثبت اصالتنا وقوميتنا المصرية وإنتمائنا لأعظم حضارات العالم وواجبنا الحفاظ علي ذلك بعدم الانسياق وراء تراهات الغرب وفقدان مِصريتنا سيئا فشيئا فهذا مايريدوه .
وفي الاخير اشكركم لمتابعتكم .
اسف علي الاطالة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
محمد ابو حبشي
الشرقية_مصر
مايو_رمضان2020
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق