الحيوانات المقدسة في مصر القديمة
بقلم / شروق السيد
كاتبة في التاريخ المصري القديم وعضو بفريق حراس الحضارة للوعي الأثري.
لقد انتشرت في مصر القديمة إلي درجة فارقة الشعائر والطقوس الدينية المتعلقة بالحيوانات ، ولذا فقد أطلق عليها الفرنسيون في عصرنا الحديث عبارة "zoolâtrie" ، وبدت هذه الظاهرة وكأنها إحدي السمات المميزة للديانة المصرية القديمة ، ويبدو أن بعض الكتاب يرون أنها مجرد تطور للطوطمية البدئية.
وربما تحول اجداد الحيوانات معبودة القبائل والعشائر الغابرة وأسلافها ، بمرور الزمن الي آلهة راعية للمدن التي عاش فيها قديما هؤلاء البشر في عصر ما قبل الأسرات ، ولا يستبعد أن التأليفية والتركيبية مع معبودات أخري مُثلت في هيئة بشرية فظهرت الأرباب المهجنة الكيان فنصفها بشري ونصفها الآخر حيواني.
وعموما لم تسُد في كل مقاطعة من مقاطعات مصر عبادة نوع معين من الحيوانات الا في العصر المتأخر ، ولكن في البداية عند النشأة الأولى كان المصريون يقتصرون علي حيوان واحد يتم اختياره ضمن فصيلة محددة ، بحيث يتميز ببعض العلامات الخاصة التي يحددها العرف والتقاليد والشعائر ، ويوضع هذا الحيوان في ساحة المعبد ويتلقي القرابين ، وبعد ذلك يتم تحنيطه ودفنه في مراسم فخمة مهيبة بعد موته.
ويعتبر الثور هو أكثر الحيوانات شهرة فقد قدس من خلال أسماء مثل "أبيس" و "منيفيس" و "بوخيس" والجدير بالذكر أن سترابون خلال العصر الروماني قد ذكر أن أبيس ، ومنيفيس هما فقط اللذان اعتبرا كآلهة ، أما بقية الحيوانات فكانت مجرد كائنات مقدسة ، ورغم ذلك فإن تلك الحيوانات كانت فائقة العدد ، فقد بلغ تعدادها أربعين نوعاً.
أما هيرودت الذي تحدث عن الكثير من الوقائع التاريخية فقد قدم قائمة بأسماء الحيوانات المقدسة كالتمساح في بعض المقاطعات خاصة الفيوم ، وفرس النهر في مقاطعة "بابرميس" ، كما ادمجت كلاب الماء ضمن الحيوانات المقدسة وكذلك الأمر بالنسبة لسمك الثعبان وإوز النيل ، وبالإضافة إلي ذلك فقد ذكر أن الحيوانات عند موتها كانت تحنط وتدفن في الجبانات فكانت الجبانة الخاصة بالقطط تقع في "تل بسطة" ، أما جبانات مومياوات النمس ونسور الباز فموقعها في "بوتو" ، وفيما يتعلق بأبيس فكانت في "هرموبوليس" ، أما الكلاب فكانت تدفن في المدن التي عاشت بها قبل وفاتها.
وتجدر الإشارة إلى أن جميع هذه الجبانات ترجع للعصر المتأخر اي تلك الفترة التي كانت فيها المعتقدات القديمة الغابرة قد اجتاحت العقيدة الشعبية ، وعن الحيوانات التي كانت تعتبر تجسيد لبعض الآلهة فكانت تخصص لها مقاصير لعبادتها ، ففي "مدامود" علي مقربة من طيبة خلف معبد "مونتو" اكتشفت مقصورة خاصة بأحد الأرباب الحيوانية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق